قهوة

القهوة..حضارة تاريخ وثقافة


 لا يوجد في الحضارة العربية منتجا استهلاكيا يحمل شحنة ثقافية وحضارية وتاريخية وبالتالي اجتماعية كالقهوة مما يحوله من مجرد سائل داكن اللون لرمز حضاري وشاهد على المتغيرات الاجتماعية والثقافية على مدى التاريخ وصولا إلى الحداثة وما بعدها،



اجتماعيا, ترافق القهوة العربية المجتمعات المتعددة في جميع مناسباتها المفصلية وحياتها اليومية، في الأفراح، والأتراح وولادة الأطفال وجلسات السمر والصلح وطلعات العروس من بيتها وقدوم الغياب من الغربة ، فالقهوة تفصل الوقت إلى قسمين ، ما قبل تقديمها وشربها وما بعد القيام بذلك، ففي الذهنية العربية يأتي الفرج وتُحل المشاكل العالقة بعد شرب القهوة, كما تشكل لحظة عملية شرب القهوة والدعوة اليها طقسا خاصة تحيطه الرهبة والترقب وهي فرصة لالتقاء الأشخاص وجلوسهم سوية والتودد بعضهم لبعض، ولذلك تعج الأمثال والطرائف والحكايات والموروثات الاجتماعية المتناقلة بحضور القهوة كمشروب أساسي في الكينونة الاجتماعية العربية وكرمز ثقافي يحرك المجريات في المجتمع.
وكنتيجة للمركزية الحضارية للقهوة في الحياة العربية وكونها محركا ثقافيا واجتماعيا, نجد عشرات الأغاني العربية التي تتغنى بالقهوة أو تحتفي بشاربيها أو تستدعي لقاء الحبيب حول فنجان قهوة، كما تنتشر القصص الشعبية الخالدة التي تتمحور حول القهوة كإحدى ملامح الشخصية الشعبية العربية التي تتميز بالكرم والشهامة وحب العطاء.
أما الشعراء والشاعرات العرب فيكنون معزة خاصة ودافئة للقهوة على مدار التاريخ الشعري العربي الذي يشكل بحق النحت الحقيقي في وجدان المجتمع. الشعر العربي والقهوة هي حكاية حب قديمة جدا قدم اللغة, فلا يكاد ديوان شعر قديم كان أو حديث يخلو من النصوص التي تتناول فنجان القهوة وعلاقة الشاعر معها ونذكر أشهرها نص شاعر فلسطين الكبير محمود درويش في رائعته ذاكرة للنسيان وغيرها وغيرها من النصوص الشعرية والنثرية.